السعادة .. ما هي؟

علينا أن نفرق بين السعادة كحالة دائمة وبين أمور مفرحة تسعد الإنسان لدقائق أو أيام.

من الطبيعي أن نسعى لأن نعيش حياة سعيدة وأن نبحث عن السعادة فكل إنسان عاقل يريد أن يبتعد عما يكدره وما يشقيه ويقترب مما يفرحه ويسعده ولهذا نجد الإنسان يفكر ويخطط ويعمل حتى يحقق ما يريد أي حتى يكون سعيدا، ولا شك أن بعضنا يظن أن السعادة في الحصول على المال ولكننا نعلم أن الغنى لا يجعل الإنسان سعيدا ولقد قيل ((إن الفقراء يعتقدون إن السعادة في المال في حين أن الاغنياء ينفقون المال بحثاً عن السعادة)) وبعضنا يظن أن السعادة في الزواج أو حياة العزوبية أو المنصب أو الشهادة أو غيرذلك ولكننا نعلم أيضاً أن السعادة ليست في الزواج وليست في المناصب أو الشهادات. فما هي السعادة إذن؟ وكيف يمكننا أن نعيش سعداء؟ ان علينا أولا ان نفرق هنا بين السعادة كحالة دائمة وبين أمور مفرحة تسعد الانسان لدقائق أو ايام فالحصول على الشهادة مثلا يفرح الانسان ولكن لا يجعله سعيدا وكذلك علينا أن نوضح ان المصائب كموت احد الاقارب أو غير ذلك تحزن الانسان ولكن قد لا يجعله مهموما شقيا قال ابن القيم قال بعض العلماء “فكرت فيما يسعى فيه العقلاء فرأيت سعيهم كله في مطلوب واحد وان اختلفت طرقهم في تحصيله رأيتهم جميعهم انما يسعون في دفع الهم والغم عن نفوسهم فهذا بالاكل والشرب وهذا بالتجارة والكتب وهذا بالنكاح وهذا بسماع الغناء والاصوات المطربة وهذا باللهو واللعب فقلت هذا المطلوب مطلوب العقلاء ولكن الطرق كلها غير موصلة إليه بل لعل اكثرها إنما يوصل إلى ضده ولم أر في جميع هذه الطرق طريقاً موصلة إليه الا الاقبال على الله ومعاملته وحده وايثار مرضاته على كل شئ فان سالك هذه الطريق ان فاته حظه من الدنيا فقد ظفر بالحظ الغالي الذي لا فوت معه وان حصل للعـبد حصل له كل شئ وان فاته فاته كل شئ وان ظـفر بحظه من الدنيا ناله على أهنا الوجوه فليـس للعبد أنفع من هذه الطـريق ولا أوصل منها إلى لذته وبهجته وسعادته وبالله التوفيق

السعادة إذن في الراحة النفسية والتي لا تتم الا بالقرب من الله والسعادة أيضا في المقدرة على التعامل مع افراح ومصائب الحياة بكفاءة. وحتى تتضح صورة السعادة نقول ان المجتمع الغربي ليس سعيداً مع كل ما يملكه من مستوى مادي مرتفع وحريات كثيرة فالقلق والملل من الأمراض الرئيسية للحضارة الغربية. فلا الاباحية الجنسية ولا المال ولا الاستقلال ولا غير ذلك جعل الغرب سعيدا وعلينا أن لا نخدع باقوالهم وبادعائهم السعادة فحياتهم شقاء في شقاء قال ابن القيم”وقد حكم الله تعالى حكما لا يبدو أبدا: أن العاقبة للتقوى والعاقبة للمتقين فالقلب لوح فارغ والخواطر نقوش تنقش فيه فكيف يليق بالعاقل أن يكون نقوش لوحه ما بين كذب وغرور وخدع وأماني باطلة وسراب لا حقيقة له؟ فأي حكمة وعلم وهدى ينتقش مع هذه النقوش؟”.

المقال بقلم: عيد الدويهيس